قال سهل بن بشر الإسرائيلي:
و جرب الطالع إذا سئلت عن مسئلة فابدأ النظر على ما أصف لك فقد وصفت
لكل حاجة وجها تؤخذ به فلا تعدلن إلى غيره .
و لا تدخل حاجة لم تسأل عنها في حاجة قد سئلت عنها فتدخل على نفسك الإختلاط
, مثل الذي يسئل عن التزويج فإذا نظرت فيه سألك عن حاجة أخرى بدت له فإذا
أضمر قبل القياس عن حوائج مختلفة , فإنه يستقيم أن تأخذ كل حاجة من بابها .
و لا يجوز أن تسأل عن مسألة حاجتين و وجهها واحد .
و لا تنظر إلا لمن يأتيك طالبا أو محتاجا أو مغموما أو يبغي إليك أو يبعث ,
فأما من يأتيك متعمدا أو عابثا فلا , فإن الحاجة إنما تخرج على قدر إهتمام
السائل بها .
فتحتفظ بهذه الأبواب .
- و أصوب ما تكون المسألة أن يسأل الرجل عن نفسه أو يبعث من يسأل ممن يعينه
في أمره , فأعرف همم الناس فإن الناس و العمل على همة السائل , فمن سأل
فكان همه في مسألة للدهر فمواضع تلك النجوم ساعة سأل تدل على حال جهده كله
و كذلك إذا كان همه أن يسأل عن حاجة في سنيه أو شهوره أو في يومه فهو ذلك .
و استفهم أفهامهم قبل القياس لأن كل سائل سأل إنما يسأل بما غلب عليه من
طبيعة الفلك مع الحال التي يسأل فيها من مزاج الفلك عن سعادة أو نحس فإنما
هي قرع و سهام .
فمن وافقه سعادة رب طالعه و القمر أسعد , و من وافقه نحوسهما أنحس .
و ذلك أنه لا يسأل في حال نحوسة الدليل أعني القمر و رب الطالع في ساعة
المسألة أو المولود إلا كل رجل منحوس منكوب , أو رجل مسعود يبتغي أن تصيبه
النحوس . و كذلك السعادة لا يسأل فيها إلا كل رجل مسعود أو رجل يبتغي أن
يقصد به السعادة .
و لا يهولنك إن سألته عن مسائل مختلفة في طالع واحد فإن الحوائج تختلف ,
فإذا إتفق عدة في حال نحوسة أو سعادة كان ذلك لهم , و قد يرى قوما في سعادة
و مثلهم في نحوسة فافهم .
- و إن سألت عن حاجة و كانت في طبائع الإقبال : فانظر في إتصال رب الطالع
برب الحاجة و إقبال القابل أعني الكوكب الثقيل الذي يقبل التدبير رب الطالع
كان أو رب الحاجة الثقيل منهما فاظر في ترابه بما وصفت لك منحسات الكواكب .
- و إذا كانت المسألة عن طبائع الإدبار : مثل السفر و النقلة و خروج محبوس
من سجنه أو إفلات من غموم فانظر لهذه الحوائج من مكان الإدبار و الزوال .
- و إذا سئلت عن حاجة من الحوائج التي هي في البيوت الإثني عشر مثل أن يسأل
الرجل عن نفسه أو عن ماله أو إخوته على ما وصفت لك في طبائع البيوت الإثني
عشر :
* فاجعل الطالع و صاحبه و القمر الدليلين على الرجل الذي يسألك
* و بيت الحاجة و صاحبه الحاجة التي يسأل عنها
* ثم انظر إلى صاحب الطالع و القمر القوي منهما , أعني : - الكائن في الوتد
- و الناظر إلى الطالع , إبدأ به .
* فإن إتصل أحدهما برب الحاجة فإن الحاجة تقضى بطلب من السائل .
* و إن وجدت رب الحاجة يتصل برب برب الطالع قضيت تلك الحاجة في سهولة و حرص
على السائل من غير طلب منه و لا إلحاح .
* و إن وجدت رب الطالع أو القمر في موضع الحاجة أو وجدت رب الحاجة في
الطالع فإنها تقضى , إلا أن يكون الطالع لصاحب الحاجة هبوطا أو يكون محترقا
فيه فإن ذلك لا يكون .
* فإن وجدت رب الطالع أو القمر متصلا بكوكب في موضع الحاجة , و لذلك الكوكب
شهادة فيه من بيته أو شرفه أو مثلثته قضيت أيضا .
* و إن لم يكن مما ذكرت شيئأ فانظر إلى نقل النور إلى القمر , أو أحد
الكواكب الخفاف , فإن وجدته : ينصرف من رب الطالع و يتصل برب الحاجة أو
ينصرف من رب الحاجة و يتصل برب الطالع قضيت الحاجة على يدي الرسل و من
يختلف بينمهما .
* و إن لم يجد بينهما كوكبا يحمل نور أحدهما إلى الآخر فانظر في جمع النور
: فإن وجدت رب الحاجة و رب الطالع يتصلان جميعا بكوكب واحد أثقل منهما , و
ذلك الكوكب ينظر إلى موضع الحاجة أو هو في الطالع أو وسط السماء قضيت
الحاجة على يد حاكم أو رجل إستند إليه .
فهذه الوجوه الثلاثة يكون منها قضاء جميع الحوائج :
* الأول : الإتصال من رب الطالع و القمر و رب الحاجة .
* و الثاني : أن يكون كوكب ينقل بينهما أعني ينصرف عن أحدهما و يتصل بالآخر
فتقضى الحاجة على يدي الرسل .
* و الثالث : جمع النور أعني أن يكون كوكب أثقل منهما يتصلان به جميعا
فيجمع نورهما أو يأخذ قوتهما فيتراضيان بحكم بينهما أو رجل يستند إليه في
تلك الحاجة .
فمن هذه الأبواب تكون قضاء الحاجة .
- ثم أنظر بعد ما ذكرت إلى قابل التدبير من أحدهما و هو الكوكب الثقيل رب
الطالع كان أو رب الحاجة , و الكوكب الذي يجمع النور :
* فإن كان بريئا من النحوس , في الأوتاد أو ما يليها و لم يكن راجعا و لا
محترقا و لا ساقطا من الأوتاد قضيت تلك الحاجة .
* و إن كان منحوسا فسدت تلك الحاجة بعد الظفر بها .
* و إن كان القابل راجعا إنقضت بعدما ظن أنه ظفر بها .
- و إن سئلت هل يكون الظفر في سهولة أو في عسر ؟ فانظر :
* فإذا كان الإتصال من رب الطالع و رب الحاجة من تثليث أو تسديس كان الظفر
في سهولة .
* و إن كان الإتصال من تربيع او مقابلة كان الظفر بعد عسر و إلحاح و تطويل
.
- و إن سئلت بطلب من السائل يكون الظفر أو يأتيه عفوا بلا طلب منه :
* فإن كان صاحب الطالع أو القمر هما المتصلان برب الحاجة أو كان رب الطالع
أو القمر في موضع الحاجة فإن ذلك يكون بطلب و حرص من السائل يضايقه أو غير
ذلك .
* و إن كان رب الحاجة هو يتصل برب الطالع أو كان رب الحاجة في الطالع فإنه
يحرص عليه في تلك الحاجة و يدفع إليه عفوا .
و إن كانت المسئلة عن ولاية ثابتة في منزلة من غير أن يأتي باب السلاطين في
ذلك .
* و إن كان قضاء الحاجة إنما هو من قبل نقل النور فإن ذلك يكون من قبل
الرسل و المختلفين .
و إن كان القمر هو الناقل ينصرف من صاحب الطالع و يتصل برب الحاجة فإن
ابتداء الرسل تكون من السائل .
و إن كان القمر ينصرف من رب الحاجة و يتصل برب الطالع فإن الرسل تأتيه و
تحرص عليه في ذلك
* و إن كان الظفر بالحاجة من قبل جمع النور كان الظفر برب الحاجة إنما يكون
الظفر من قبل حكم يدخل بينهما أو رجل يتراضيان به حتى يظفر بالحاجة .
- و اعلم أن رب الطالع و القمر إذا إتصلا بكوكب من هبوطه مثل : أن يتصل
بالمريخ من السرطان أو المشتري من الجدي دل على فساد الحوائج و لا ينجح .
و كذلك إذا إتصلا بكوكب من هبوط أنفسهما لا يقبلهما يدل على سوء صاحب
المسألة فيما يريد العمل به و أن حاجته لا تقضى , و مثال ذلك : أن يتصل
القمر بكوكب من ثلاث درج من العقرب الذي هو هبوطه و يكون رب الطالع المريخ
و هو متصل بكوكب من آخر السرطان الذي هو هبوطه .
- و اعلم أن النحس إذا كان رب الحاجة و اتصل به رب الطالع أو القمر من
تربيع أو مقابلة فهو لا يقبلهما , و أن السائل عن تلك الحاجة يود أنها لم
تكن لما يدخل عليه منها من الشر و البلاء .
و إن كان الإتصال من تثليث أو تسديس كفت عن ذلك .
- فإن كان رب الطالع و رب الحاجة كوكبا واحدا و كان مقبولا أعني إتصل برب
بيته أو شرفه بريا من النحوس قضيت الحاجة , و إن كان غير ذلك فسدت .
و كذلك إن اتصل القمر به و هو سليم من العيوب قضيت .
- و اعلم أن شهادة البرج في قضاء الحوائج :
* أن يكون الطالع برجا ثابتا أو ذا جسدين
* و الأوتاد قائمة : أعني أن يكون وسط السماء البرج العاشر و لا يكون وسط
السماء البرج التاسع , و لا وتد الأرض الثالث . فهذا معنى أن يكون الأوتاد
قائمة .
- و شهادة النحوس في قضاء الحوائج ثلاث شهادات يطلب القضاء منها و هي : رب
الطالع و رب الحاجة و القمر .
* فإذا إلتقى الدليلان يعني رب الطالع و رب الحاجة و سلم أحدهما ظفر بثلث
ما طلب من تلك الحاجة .
*فإن كانت شهادتان يعني إن سلما معا ظفر بثلثي ما طلب .
* و إن إجتمعت الشهادات كلها يعني أن يسلم رب الطالع و رب الحاجة و القمر
من الرجوع و الإحتراق و النحوس و السقوط ظفر بكل ما طلب .
* و إن كن مع شهادتهن مقبولات و الذي يقبلهن مقبول أيضا فإنه يزداد على ذلك
خيرا .
فاعرف هذه المسائل لجميع الحوائج كلها .
و مثال ذلك :
مسئلة عن السلطان يظفر به أم لا ؟
كان الطالع الجوزاء عشرين درجة , و وسط السماء الحوت أول درجة , و الشمس في
السرطان إثني عشر درجة , و القمر في السنبلة في سبع عشرة درجة , و عطارد في
الجوزاء في سبع و عشرين درجة , و المريخ في الثور في ثمان درج , و الزهرة
في الأسد في ثلاث درج , و المشتري في الحوت عشرين درجة مقيم للرجوع , و زحل
في الجوزاء ست درج .
نظرت في هذه المسئلة إلى الطالع و صاحبه و القمر و هما دليلا السائل , و
إلى برج وسط السماء و صاحبه و هما دليلا السلطان الذي يسأل عنه .
و كان الطالع الجوزاء بيت عطارد و هو في الطالع في آخر البرج .
و المشتري الذي هو صاحب الحاجة في وسط السماء عشرين درجة .
فوجدت رب الطالع منصرفا عن رب الحاجة .
و نظرت إلى القمر فوجدته في وتد الأرض متصلا بالمشتري من مقابلة . فدل على
الظفر بالحاجة بإلحاح في عسر , و ذلك لأنهما اتصلا من مقابلة و لو إتصلا من
تثليث أو تسديس لدل على الظفر في سهولة .
و كان القمر هو المتصل برب الحاجة فدل على أن ذلك يكون بطلب من السائل و
حرص , و لو كان رب الحاجة هو المتصل به لظفر بالحاجة عفوا من الذي يؤتيه من
غير طلب من السائل و لا إلحاح .
و نظرت إلى المشتري و هو قابل التدبير فوجدته في وسط السماء مقيما للرجوع
يدل على انتقاض ما ذكرت و فساده سريعا و يكون ذلك من السلطان و ذلك العاشر
من قبل المشتري الذي هو الدليل على السلطان , و لو كان قابل التدبير رب
الطالع و هو الفاسد لقلت أن فساد هذه الحاجة من قبل السائل و من فعله بنفسه
و لأن رب الطالع منتقل من بيته إلى بيت المال فدل على سرعة انتقال السائل و
تحوله في طلب المال إلى موضع يقيم فيه .
و لا يقبل ذلك لأنه إذا خرج من برجه اتصل بالمريخ و هو لا يقبل , فدل على
أنه يعمل عملا في خروجه يدخل عليه منه التشويش و الهم و لأن المريخ رب
السادس من الطالع الذي هو بيت العبيد و المرض
و لأن المشتري هو رب الحاجة يريد الإنتقاض ( لأنه مقيم للرجوع ) و هو مع
الذنب دل على الإنتقال بدواخل على الرجل الذي يطلب منه الحاجة و كثرة
التخليط عليه .
و دل انصراف عطارد عن رب الحاجة أن السائل قد كان قبل ذلك في طمع من هذه
الحاجة و لما انصرف عن رب الحاجة يئس منها .
و هذا في جميع الحوائج .
أعلى الصفحة
|
يقول عبد الله محمد بن أبي بكر بن محمد الفارسي :
و طريقه أن متى وجدت الدليل في برج شرفه دل على أن السائل سلطان أو
صاحب عز و منزلة و جاه , فإن كان راجعا في البرج أو محترقا دل على عزل
السلطنة و ذهاب المال
و إن إتصل بكوكب في شرفه دل على أن السائل ذو جاه و سلطان و صلاح في أموره
و أحواله
و إن كان الدليل في برج غريب و ساقط من الطالع دل على الغربة و سقوط الجاه
و المنزلة
فإن كان في برج ينظر إليه فالسائل له قدر و جاه و منزلة في الموضع الذي هو
فيه , و إن كان رب بيته لا ينظر إليه فعلى الضد من ذلك
و إن كان الدليل في وتد إلا أنه في هبوطه فالسائل ذو جاه و قدر لكن لا حسب
له , و إن كان هابطا و ساقطا لكن ينظر إليه رب بيته فالسائل لا حسب له و لا
جاه و لا قدر لكنه حسن المعاش صالح
و إن كان الدليل في هبوطه و في البرج السادس فالسائل عبد أو إبن عبد
و إن كان الدليل يتصل بكوكب محترق في البرج الخامس أو الكوكب المحترق و هو
صاحب البيت الخامس دل على مرض الولد
و إن كان الإحتراق في السادس فمرض عبد
و إن كان في السابع فمرض الزوجة
و إن كان الدليل يتصل بكوكب محترق في البرج الثاني مع رب البيت الثاني فهو
خسارة و نقصان في المال
و إن كان ما ذكرناه من إتصال الدليل مع كواكب السعود يكون الحكم بالعكس من
ذلك فافهم ذلك
أعلى الصفحة
|